هجري: | ميلادي: 24 Nisan 2024

التراجع
قضية تركستان الشرقية في العالم الإسلامي

 

قضية تركستان الشرقية في العالم الإسلامي

ياسين اكتاي


15
يونيو 2022

 

عُقد المؤتمر العالمي الأول لنصرة قضية تركستان الشرقية في إسطنبول واستمر لمدة ثلاثة أيام، حيث أصدر المؤتمر البيان الختامي له. وشارك في المؤتمر علماء ومفكرون وسياسيون وأكاديميون من 40 دولة، بتنظيم جميعة علماء مسلمي تركستان الشرقية، وبدعم ومشاركة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذين أدلوا ببياناتهم وقدموا آراءهم خلال المؤتمر.

وطرح المؤتمر أمثلة واضحة جدًا على ما يحدث في تركستان الشرقية منذ عام 1949، كما كشف المؤتمر سياسات الاستيعاب والدمج التي تنتهجها الحكومة الصينية ضد الأتراك المسلمين. كما عرض المؤتمر شهادات حية لانتهاكات حقوق الإنسان هناك. وناقش المشاركون من 40 دولة حلولًا واقعية لما يمكن القيام به لإنهاء المعاناة التي تعيشها تركستان الشرقية.

وبكل وضوح، اتفق العلماء المسلمون، الذين نظموا المؤتمر، على أن ما يحدث في تركستان الشرقية هو قضية إنسانية أولاً وقبل كل شيء. وأشار العلماء إلى أن قضية تركستان الشرقية يجب النظر إليها من قبل جميع المسلمين على أنها قضية ذات أولوية قبل أن يتوقعوا فعل شيء من البشرية.

وأفاد العلماء أنه في كل مناسبة يؤكدون أن الأمة الإسلامية مثل الجسد الواحد، مستشهدين بالحديث النبوي الشريف "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وقال علماء المسلمين إن ما يحدث في تركستان الشرقية يجب أن يشعر به جميع أفراد الأمة الإسلامية على أنه ألمهم.

وفي هذا السياق، كنا نسمع من حين لآخر ادعاءات سخيفة ومحض هراء في تركيا حول هذه النقطة، وتلك الكلمات (أدناه) التي ألقيت في المؤتمر كانت ردًا عفويًا على تلك الادعاءات دون مخاطبتهم:

ليس من المستغرب أن يتبنى المسلمون قضايا الأمة الإسلامية ويهتمون بها كأنها قضاياهم الخاصة بقدر اهتمامهم بالقضية الفلسطينية، ومن بين تلك القضايا، قضية تركستان الشرقية وقضية كشمير وقضية ميانمار (التي تم حلها) والقضية الكردية (على الرغم من أن الشكل الذي آلت إليه اليوم والأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم يتبنون هذه القضية هي مختلفة تمامًا ومشكلة منفصلة عنهم). وتعتبر تلك القضايا مسألة تخص جميع المسلمين، والآلام التي يتشاركون بها تعد علامة على حيوية الأمة الإسلامية.

من جهة أخرى، حضر المؤتمر، الذي استمر ثلاثة أيام، العديد من الشخصيات والأسماء البارزة، ومن أهمها بكل تأكيد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي محيي الدين القره داغي، وعلى الرغم من كونه كرديًا، إلا أنه ألقى كلمته باللغة العربية، والقضية التي تبناها بحماس كبير هي قضية تركستان الشرقية.

وأثناء إلقاءه كلمته، كان صوته يرتجف وكاد يبكي بسبب قوة المشاعر التي عاشها وهو يصف المعاناة في قضية تركستان الشرقية. مشهد الأخوة هذا الذي التي عبر عنه كان كافيًا لإظهار أكبر قوة للأمة الإسلامية.

وكانت الجلسة الختامية للمؤتمر تحت عنوان "نظرة استراتيجية لمستقبل قضية تركستان الشرقية". ويشار إلى أن هذا المؤتمر الذي عُقد على هذا المستوى حول واقع تركستان الشرقية يعد الأول من نوعه حتى الآن، والأكثر فعاليةً وحضورًا .

وحضرت الجلسة الختامية شخصيًا من أجل إدارة وتقديم بيان. كما حضر والي إسطنبول علي يرلي كايا، واستاذ العلاقات الدولية د. عصام عبد الشافي وأستاذ العلوم السياسية د. سيف الدين عبد الفتاح من مركز العلاقات الدولية في إسطنبول.

وأفاد والي مدينة إسطنبول علي يرلي كايا أن الهجرات العديدة التي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، خاصة من تركستان الشرقية، قد شكلت مجتمعًا مهمًا في تركيا. وأوضح بالأرقام أن أفراد هذا المجتمع أصبح عددهم كبيرًا اليوم. وأشار "يرلي كايا" إلى أن هذا المجتمع يعد أحد أهم الأمثلة على أن تركيا مأوى للمضطهدين منذ البداية، مؤكدًا أن من بين تلك الهجرات هجرة أتراك "الآهيسكا" وأتراك أذربيجان وبلغاريا والبلقان، حيث تم إيلاء أهمية خاصة بهم ولم يُعاملوا على أنهم مهاجرين أجانب، موضحًا بالأرقام أمثلة على ذلك من خلال منحهم الجنسية التركية والإقامة الدائمة.

وعلى الرغم من أن المشاركين في المؤتمر العالمي الأول لنصرة قضية تركستان الشرقية كانوا من 40 دولة، حيث شاركوا لمدة ثلاثة أيام دون انقطاع، إلا أن الأغلبية كانوا من العالم العربي وكانت لغة المؤتمر اللغة العربية.

وفي الواقع، يعد الاهتمام الكبير بقضية تركستان الشرقية من قبل العالم العربي أحد أكبر العوامل في تدويل هذه القضية.

كما يبين ذلك مدى تبني تلك القضية على أنها قضية تخص الأمة الإسلامية ككل، من ناحية أخرى، انعقاد المؤتمر باللغة العربية يضمن أيضًا أن إحدى الرسائل الصادرة من المؤتمر تحاور وتخاطب الدول العربية.

من جهة أخرى، ذكرت في مقالي السابق، أن اعتماد الصين (رغم قوتها اليوم) وحاجتها للعالم العربي أكبر بكثير من حاجة العالم العربي لها.

كما أن الصين تريد الانفتاح وتحتاج إلى سوق لتصدير منتجاتها وموادها الأولية لذلك لا تستطيع أن تخسر العالم الإسلامي أيضًا. بالمقابل، إذا لم تثر الدول الإسلامية قضية تركستان الشرقية ولم تطالب بأي شيء فلا يمكن التوقع من الصين اتخاذ أية خطوة بشأن هذه القضية. وقبل كل شيء، يحتاج العالم الإسلامي إلى إدراك قوته.

وقدم الأكاديمي المصري أ.د. عصام عبد الشافي في الجلسة الختامية، تحليلًا فعال حول ذلك، حيث أشار إلى أن الحساسية والتحالفات التي قد يطرحها العالم التركي والعالم الإسلامي والإفريقي بشكل تدريجي إزاء تلك القضية ستحدد المستقبل الاستراتيجي لقضية تركستان الشرقية.

والصين بحاجة إلى مفاوضات مع العالم الإسلامي بشأن تلك القضية. وكما هو معلوم أن الصين تشتكي كثيرًا من أن قضية تركستان الشرقية يتم استغلالها واستخدامها من قبل الولايات المتحدة والغرب في الترويج لحملة دعائية سوداء ضدها. ولكن بالمقابل، هناك معلومات تستند إلى شهادات حية حول ما يحدث في تركستان الشرقية، وإذا كانت الصين تريد عدم استغلال واستخدام هذه القضية من قبل الولايات المتحدة والغرب، فيجب عليها فتح مفاوضات مع العالم الإسلامي من أجل مصلحتها أيضًا.

كما أن المبادرة التي اتخذها الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بهذه الطريقة تستحق الإشادة بها والوقوف عندها. لأنهم يوضحون جيدًا أن العلماء المسلمين يمكنهم لعب دورهم التاريخي بشكل صحيح وتقديم النصائح البناءة واللازمة للدول، دون إثارة فوضى. وبكل تأكيد سيكون من مصلحتهم أن يستمع حكام الدول الإسلامية إلى أصواتهم.

https://www.yenisafak.com/ar/columns/yasinaktay/2044766

الأخبار

آخرون